وتنظيم مؤتمر صومالي في تركيا بتمويل ذاتي لأول مرة، بعد أن دأبت تركيا على التمويل.
أكد أن جامعة مقديشو ستفتتح قسما للدراسات التركية
أنقرة/ متين موتان أوغلو – فاروق توقاد/ الأناضول
حوار مع المدير العام لمؤسسة شرق إفريقيا للبحث العلمي والتنمية البروفسور علي شيخ أحمد في مقابلة مع الأناضول عندما سألناه عن أهداف
مؤسسة شرق إفريقيا؟
قال إن المؤسسته تهدف إلى تقوية العلاقة بين شرق أفريقيا وتركيا، ثقافيا، واقتصاديا، وتجاريا، واجتماعياً، وسياسيا بالاضافة إلى خلق بيئة مناسبة للتعاون الوثيق بين دول منطقة شرق إفريقيا
جاء ذلك في حديثه خلال زيارة أجراها إلى مقر وكالة الأناضول في العاصمة التركية أنقرة، حيث أفاد أن “هناك تحسنا جيدا في الصومال خلال العامين الأخيرين، والبلد يتقدم بشكل أو بآخر إلى الأمام، والقضايا التنموية تستمر في النهوض رغم العقبات العديدة.
وبين شيخ أحمد أن “المؤسسة تسعى بقوة إلى تعميق التعاون بين تركيا وشرق أفريقيا، علما بأن الوجود التركي حاليا قوي في أفريقيا إلى مستوى الشراكة، والخطوات التركية نجحت إلى حد بعيد للتقريب بين الطرفين، وليس أدل على ذلك ان قام الرئيس التركي قرابة ستين زيارة لمختلف دول القارة وهو رقم قياسي لم يقم قبله رئيس آخر خلال هذه المدة القصيرة. والأفارقة بدأوا يدركون اليوم أن الأتراك اخوك لهم يريدون النجاح لأنفسهم وللقارة سواء بسواء، وهم بهذا مختلفون عن بقية الدول الأوروبية، مع أنها أقوى دولة أوروبية في حلف ناتو. لان ماضيهم خال عن الاستعمار والاستغلال الخبيث، ولقد وجد الناس في القارة كيف ان الأتراك يقدمون المساعدات التنموية والإغاثية والصدقات للمحتاجين فعندما وجد الناس هذا التصرف اصبحوا مندهشين فمن بين تلك الأمور بناء المساجد الفخمة وتوزيع الصدقات لكل المحتاجين فعامة الناس علموا أنهم مسلمون رغم أنهم في أوروبا”.
وزاد البرفسور موضحا أهمية ربط شرق أفريقيا بتركيا بقوله “قبل مائة سنة كاناسطنبول عاصمة عالمية يعرفها الجميع والكتب المطبوعة كانت تأتي منها الى القارة الافريقية والأسوية ووقتها، وعودة العلاقة التركية الى افريقيا أمر طبيعي وتلك العلاقة هي تجديد الماضي المشرف وهو هدف ضروري ينبغي ان يحرص الجميع على إعادته وبناء الشراكة الاقتصادية والتعاون البناء فكما يعبر دائما السيد أوردغان فإن التعاون بين تركيا وأفريقيا هو اقوى السبل للتحرر من المستغلين، لعواصم شرق افريقيا مثل جيبوتي واسمرة ومقديشو وادس ابابا وكمبالا ونيروبي ودار السلام وغيرها هي مدن تعرف العلاقة التاريخية مع اسطنبول العاصمة التاريخية مدة بضعة قرون قبل انهيار الدولة العثمانية ولدى هذه العواصم رغبة حقيقة للتعامل مع انقره عاصمة جمهورية تركيا الحديثة.
وربط تركيا ودول شرق افريقيا من الناحية الثقافية قضية مهمة، ولكن بناء الشراكة من الناحية الاستثماراتية والتجارية والاقتصادية هي قضية أساسية وأكثر من الضرورة، ولو تركيا اليوم صناعات متقدمة ومراكز أبحاث متقدمة وسياسات سلمية ورغبة الانفتاح مع القارة، ومن الظواهر الملحوظة قبول البضائع التركية لدى ابناء القارة
كما أكد أن “البضائع التركية هي الأفضل وخاصة في شرق أفريقيا، بدليل تراجع البضائع الصينية المتنافسة، لأن البضائع التي يأخذونها من الصين لأفريقيا رديئة ودون المستوى، فالبضائع التركية أرخص من البضائع اليابانية والألمانية وغيرها ولديها جودة عالية.
وأفاد أيضا “نقول للتجار أنه بدلا للتوجه إلى الصين، يجب التوجه لتركيا، وهذا ينفع بلادنا وينفع تركيا التي أنفقت الملايين، فأي شركة تشتري من تركيا تدعم التنمية في الصومال، مشروع الأمة نعمل به وهو أكبر من كل المشاريع، تركيا دولة عالمية، وهذه الهمة الكبيرة تذكرنا بالماضي، الدولة التركية الآن لديها اقتصاد وصناعة، ولديها الطموح والتضحية لمساعدة الأمم الضعيفة”.
شيخ أحمد واصل الحديث عن مؤسسته التي عمرها سنتان وأهدافها، حيث قال “فتحنا فرعا في أنقرة، وقلنا أنه لا بد من عقد مؤتمر كبير للصوماليين (في تركيا)، كل المؤتمرات عن الصومال كانت من تنظيم وتمويل تركيا، لكن هذه المرة ننظم أول مؤتمر من تمويلنا، بهدف مساعدة أنفسنا ومجتمعنا، ونُري إخوتنا الأتراك بأن ما قدموه لنا شيء كبير”.
وأردف “المؤسسة الصغيرة لها مشروع طموح، نعمل دائرة تجميع المعلومات لكل المثقفين الصوماليين في العالم، ونرغب استقطاب الآلاف منهم، وعندما نريد مؤتمر للمثقفين نقول لأردوغان بارك الله بك، هؤلاء هم المثقفون، فنريد جمع المثقفين بالكامل”.
ولفت إلى أن “التعليم في الصوماله تحملته المؤسسات الدعوية والثقافية (خلال سنوات الحرب) وهي التي أعادت الدولة الصومالية، فتريد المؤسسة تنظيم مؤتمر يضم على الأقل 15 بروفسورا صوماليا، و8 خبراء أتراك ومؤسسات صومالية تشارك فيه”.
وعن المحاور التي يستهدفها المؤتمر، أكد أن “محور التنمية والعمل الإنساني، يرتبط بما تقوم به مؤسسة تيكا التركية من مشاريع كبرى، وكيفية التعاون، إضافة إلى التعاون بين الجاليتين التركية والصومالية خارج البلدين، هناك ملايين من الأتراك والصوماليين خارج بلدانهم”.
وزاد “هناك 3 ملايين صومالي في أوروبا وأمريكا، ولربط الجاليتين نعمل على توعية الناس بأن تركيا بلد آمن، ويجلبوا أولادهم بأمان إليها، إذ إن عشرات الأسر لا ترغب بالإقامة في أوروبا أومريكا، والعالم العربي منهار، إلا أن تركيا مناسبة للإقامة بها والاستقرار”.
كما أضاف أن “المحور الأخير هو المتعلق بالمستقبل، حيث كيف تنير الجامعات ومراكز الأبحاث المستقبل مع تركيا الجديدة في السنوات القادمة، نشترك في كل شيء، والاستثمارات الزراعية، فنحن نمهد بأن يكون هناك تعاون، وأن نبدأ بطريقة هادئة”.
وفيما يخص العلاقة بين الصومال وتركيا، أفاد أن “الصوماليين يجدون في المشاريع التركية في بلادهم بأنها مشاريع صادقة”، مبينا أن “جامعة مقديشو تعتزم تأسيس قسم للدراسات التركية قريبا”.
وأشار إلى أن البداية كانت من تركيا “رغم أن مليارات جمعت باسم الصومال بالسنوات السابقة من الوطن العربي وغيره، ما كانت تظهر آثارها في الصومال”.
وحول الموقف التركي المساند للصومال، شرح ذلك بالقول “عندما جاء أردوغان مع 250 شخصية من الفنانين ورجال الأعمال وأفراد عائلته (العام 2011)، حضر وكأنه جلب معه تركيا المصغرة، وذلك في طائرتين، وحاليا هناك عدد من الشوارع مثل الشوارع بإسطنبول وأنقرة بأموال تركية”.
وذكّر بأن “أكبر سفارة تركية بالعالم هي في الصومال، وأكبر مستشفى بشرق أفريقيا كذلك، وهو مشفى أردوغان، كما أن أكبر قاعدة للتدريب هي التركية في أفضل مكان على الساحل، وأيضا المجالات التنموية الأخرى التي تعمل عليها المؤسسات التركية، فيما هناك أكثر من 3 آلاف طالب صومالي في الجامعات التركية حاليا”.
كما بين أنه “عندما توفي أكثر من 300 شخص في حادثة منجم سوما في تركيا (2014) ، كل الجرائد الصومالية تفاعلت مع الحدث، وكتبت سوما والصومال، وأردوغان قال نساعد أهل سوما بكل شيء يحتاجونه، ونساعد الصومال رغم المعركة الانتخابية”.
واستدرك البروفسور بالقول “نعرف أن أردوغان يواجه متاعب ثمنا لمساعداته في أراكان والصومال وسوريا، فيما الوضع في الصومال يتحسن بوجود منظمة YTP (رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى)، وتيكا (وكالة التعاون والتنسيق التركية)، والهلال الأحمر التركي، ووقف المعارف حاليا، ومعهد يونس إمره، كلها تعمل في الصومال”.
وحول التبادل الثقافي وأهميته، والمشاريع الموجودة والمستقبلية، أفاد شيخ أحمد، “حاليا بشكل دوري يرسل الطلبة وحملة الماجستير (في جامعة مقديشو) لتعلم اللغة التركية في معهد يونس إمره، لأننا نريد فتح قسم للدرسات التركية في جامعة مقديشو، وعدد من الطلبة الأتراك يحضرون الماجستير، اتفقنا أن تكون الدراسات التركية بوجود معهد يونس إمرة، عبر الاستفادة من الدراسات المعمقة في التاريخ التركي، فيتم إعداد الاساتذة وخاصة طلاب الماجستير يتعلمون التركية لمدة عام كامل”.
عن ارتباط الصوماليين بتركيا، أوضح شيخ أحمد: “اسم اسطنبول موجود في أذهان الصوماليين، وكان واحدا من أسماء ثلاثة هامة تضم مكة والمدينة أيضا، وحاليا الآلاف من الصوماليين يحملون اسم تركي، وهو باقي من العهد العثماني، وبات جزء من الصومال، ومع فتح القسطنطينية (1453) هاج العالم المسيحي، والصوماليون واجهوا معركة من البرتغاليين في الساحل الشرقي، ولم يتقدموا بسبب الأسلحة كانت تأتي من الدولة العثمانية فخسروا”.
وبين ان “هذا التاريخ المشترك الناس لا يتذكرونه، ولكنهم يهتمون به، إلا ان هذا التاريخ في الاذهان وفي الكتب والدراسات، نهتم بالإسلام والدعوة الإسلامية والتاريخ المشترك، فعندما ندرس التاريخ الإسلامي ندرس الدولة العثمانية إلى جانب الدولة الأموية والعباسية، وفي الجامعات أيضا”.
وشدد على أن “الناس تعرف التاريخ بقوة، فنشرنا الثقافة خلال مئة عام من تواجد العثمانيين، في أذهان المسلمين، وكل المفكرين، بأن التاريخ العثماني حي ولم يمت، واعتقد أنه يجب نبش هذا التاريخ وإخراجه بقوة، وبعض الطلبة الدارسين بتركيا، يتعلمون اللغة العثمانية ويتخصصون بالتاريخ العثماني”.
وأعرب عن حبه وشغفه للتاريخ العثماني بالقول “كنت أدرس مادة المجتمع الإسلامي في السعودية لعشر سنوات (لم يحدد التاريخ)، كنت ادرِّس التاريخ العثماني في فصل كامل، ومرة ألقيت محاضرة عن الفاتح بالسعودية، وبعدها رزقت بأول ولد فأسميته محمد الفاتح”.
وأشار إلى أن “الوجود التركي في الصومال ليس غريبا، بل التاريخ مشترك، المجتمعان يندمجان بقوة الان، لأنهم وجدوا المشاريع التركية صادقة، وليس فيها خلفية استعمارية (كما أوروبا)، والتاريخ القديم هو تاريخ أخوة”.
وفيما يخص الوضع الحالي للصومال، قال: ” الدولة حاليا أكثر استقرارا، هناك بعض التفجيرات ولكن الوضع جيد، الاستثمارات بدأت تتحسن رغم أنها لم تصل للمستوى المطلوب، وهناك خطوات ان قارنا ما حصل بالسنوات السبع السابقة”.
وبين ان “حركة الشباب لا يحتلون اراضي، ينتقلون بين القرى، والمرحلة هذه هي الأفضل خلال 30 عاما، وأهم شي المحافظة على البلاد، هناك تداول للسلطة وهي قضية مهمة، وضعنا الدستور باجتماع 4 آلاف من شيوخ القبائل في جيبوتي، عملوا خلال 6 شهور دستور وطني إسلامي كامل، وقلنا تداول السلطة، اي رئيس يحكم 4 سنوات ويمضي”.
وأوضح أن “الرئيس الصومالي (محمد عبد الله محمد)، عندما سافر للسعودية (2017) تلقى وعود بالدعم بأربع مليارات من الدولارات، بعد شهور حصلت المشكلة بين قطر والسعودية، وجلسنا مع الرئيس وقلنا له لا تظلموا قطر، هي دولة مظلومة، وهم إخوة وخليجيون ويتصالحون فلا دخل لنا، والدولة التركية وسرعة تحرك رئيسها أعطتنا الدفعة القوية، والسفير التركي بالصومال عمل بشكل جيد، فالقضية كانت هامة وحساسة، والجيش التركي خلال ساعات حسم القضية”.
ووجه اتهامات لأدوار الإمارات في الصومال وغيرها، بأن “الإمارات انسحبت من الصومال بقرار من البرلمان ومجلس الوزراء، لأنهم فعلا حاولوا اغتيال السيناتور المسؤول عن مجلس الشيوخ، وكان يريودن قتله ليقولوا أن الدولة الصومالية قتلته، وجلبوا طائرة محملة بعشرة مليون دولار ضبطت، فضُربوا بقوة وذهبوا، فالإمارات تعمل ما لا تستطيع إسرائيل عمله”.